هل اكتئاب ما بعد الزفاف حقيقة؟؟!!

يفترض بالزواج أن يكون من أسعد مراحل حياة الإنسان، سواء كان ذكراً أو أنثى، فحلم المرأة منذ الصغر ان تتزوج وترتدي ثوب الزفاف، والأمر نفسه ينسحب على الرجل الذي يطمح في أن يكوّن أسرة ويستقر من النواحي الاجتماعية والعاطفية والجنسية.
ويمثل الزواج بالنسبة للغالبية العظمى من الناس بداية حياة جديدة مستقرة، تشارك العروس شريك حياتها في بناء بيتهما الجديد ويقع عليها وعلى زوجها مسؤوليات جديدة، لا خبرة لهما فيها.
وقد يكون الزواج مصحوباً بانفصال جغرافي وعائلي واجتماعي، ينتقل فيها أحد الزوجين أو كلاهما، الى بيئة جديدة تختلف فيها العادات والتقاليد كلياً عن التي اعتادا أن يعيشاها، فما عادت البنت "الدلوعة حبيبة أبيها"، بل هي الآن حبيبة زوجها وشريكة حياة وربة بيت، تقع على عاتقها مسؤوليات جمة تجاه البيت الجديد وتجاه زوجها. ويكون الحدث أصعب وطأة عليها في حال انتقالها الى دولة أخرى غير بلدها، لا تتقن لغة أهلها، فيصعب عليها التواصل مع الجيران أو سكان الحي التي تعيش فيه، وحتى توفير حاجيات البيت. فزوجها يخرج من البيت صباحاً ليعود في آخر النهار، في حين تبقى وحدها في البيت. فنراها تعاني من قلق الانفصال ومن تقدير الذات المنخفض والشعور بالذنب، لاعتقادها بأنها غير قادرة على القيام بالمهام الجديدة الملقاة على عاتقها من جهة، واعتقادها بأنها اتخذت القرار الخاطئ بالابتعاد عن بيئتها، من جهة أخرى.
وأما بالنسبة للفئة القليلة المتبقية من الشركاء، الذين اعتادوا العيش معاً قبل الزواج بشكل أو بآخر. فقد لا يطرأ تغيير يذكر على نمط حياتهم، غير أنهم بعد الفراغ من طقوس الأعراس، يصبحون أزواجاً شرعيين بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وبخاصة في مجال الحقوق والواجبات والالتزامات، وهذا من المحتمل أن يدخلهم في حالة من القلق والتوتر.
وقد أشارت دراسة حديثة قام بها فريق البحث النفسي التابع لمنظمة الصحة العالمية في العديد من الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، الى أن 3 من كل 10 أشخاص متزوجين حديثاً يعانون من حالة نفسية تسمى "اكتئاب ما بعد الزفاف"، والتي قد تستمر عدة أشهر، يعاني فيها الشخص شعوراً من الارتباك وخيبة الأمل، يتساءل فيها أحد الزوجين، أو كلاهما، إن كان الزواج غلطة فادحة أقدموا على ارتكابها.
وفي كثير من الحالات تعاني الفتاة (وبخاصة في حال أجبرت على الزواج من شخص لا ترغب به) من أعراض اكتئاب شديدة، مثل الأرق، وفقدان الشهية للطعام وبالتالي فقدان الوزن، والحزن وعدم التركيز وسرعة البكاء وعدم الاهتمام بالمظهر الخارجي، وفقدان الرغبة الجنسية، وقد تحاول التفكير في الانتحار، أو تنجح بقتل نفسها.
وقد أشارت دراسة قام به كاتب هذا المقال (الدكتور جابي كيفوركيان) إلى أن نسبة الفتيات اللواتي يعانين من اكتئاب ما بعد الزفاف في المناطق التي تسودها العادات والتقاليد العشائرية (وخاصة في حال الزواج المبكر، أو زواج الفتاة من مغتصبها) تصل إلى نحو 75 في المئة.
وعادة تكون الأشهر الأولى من الزواج مليئة باختلاف الآراء، وقد يكون ذلك ناتجاً عن أتفه الأسباب. وحتى لو سبق وأن عاش الزوجان معاً قبل الزفاف، فمن الطبيعي أن يعانيا بين الفينة والأخرى من الشوق لأيام العزوبية، إذ أن الاستقرار والتكيف مع الحياة الجديدة قد يستغرق فترة ليست بالقصيرة.
وعادة ما تدور الخلافات بين الزوجين حول ما يعني الزواج بالنسبة للطرف الآخر. فأحد الزوجين يتوقع قضاء الأمسيات الدافئة المفعمة بالحب والجو العائلي والرومانسي، في حين يقضي الطرف الآخر معظم وقته بالتفكير بالمستقبل العائلي والمهني.
وأبرز الأسباب المؤدية للخلاف بين الزوجين، هي:
-الخلاف حول المسائل الاقتصادية والمادية، وخاصة الأعباء والديون المتراكمة التي أعقبت الزفاف.
-تدخل الأهل في الشؤون الحياتية للزوجين، وخاصة في حالة العيش تحت سقف واحد مع الأهل.
-يتوقع الرجل من زوجته أن توفر له الراحة والحياة الهادئة، في حين تتوقع هي منه أن يمنحها الحب والحنان والعطف. غير أنه لا يمنحها ذلك إلا عند طلبه للجنس، فترى في ذلك استغلالاً لمفهوم الجنس.
-عدم التواصل والتوافق الفكري والثقافي، فنرى أحد الطرفين يفاجئ عندما يكتشف أن الطرف الآخر لا يفقه شيئاً من الحياة (حتى لو كان أكاديمياً).
عزيزي القارئ
الزواج عبارة عن تجربة جديدة، والتكيف مع هذا الوضع الجديد يتطلب وقتاً ليس بالقصير. غير أن التفاهم والاحترام المتبادل والحب والحنان والعطف، كلها كفيلة بأن توفر السعادة وتقضي على الكآبة.



Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

تابعنا على تويتر