في هذه المشاركة سوف نتذاكر معنى
اللؤم و بعض صفات اللئيم كي نتجنبها ونحذر غيرنا منها ، ولربّ شخص متلبس
بصفة منها وهو لا يشعر ، وقد أدلى ولم يزل كثير من العلماء والفضلاء بدلوهم
، من الذين استفدت منهم كثيراً في هذا الباب كصاحب كتاب اللئام والكرام
وما نثر في بطون أسفار الأخلاق وتزكية النفوس والأدب .
وفي البداية لنقف وقفة مع معنى اللؤم ؟ قيل في أقرب معانيه أنه ضد الكرم والنزاهة والشرف والفضل . واللئيم
قيل : أنه الدنيء الأصل ، الشحيح النفس ، اللجوج ، السيء الخلق ، وإنما
أردنا فيما نحن بصدده معرفة الشر لاتقاءه على حد قول الشاعر : عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه .. ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه
وسأورد عشرة من هذه الصفات الذميمة من صفات اللئام ، ولم أقصد حصرها وإنما ذكر أبرزها متبوعة بشاهد مما تسنى لي الوقوف عليه :
1 - عدم ائتمانه على السر : قال ذو النون : ومن أفشى السر عند الغضب فهو لئيم . وقيل : لايحفظ السر إلا كل ذي كرمٍ .. والسر عند لئام الناس مبذولُ
2 - ملاحظة العيوب والشماتة بالناس : وجاء عند النسائي قول النبي صلى الله عليه وسلمإستعيذوا بالله من جار السوء الذي إن رأى خيراً ستره وإن رأى شراً أظهره). وقال بن المبارك : المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العثرات وقال ابن الصيفي : لا يفرح بنكبة إنسان إلا مَن لؤُمَ أصله . وقال الشاعر : إذا ما الدهر جرّ على أناسٍ .. كلا كله أنــاخَ بــآخرين فقل للشامــتـيـنَ بنا أفـيـقـوا .. سيلقى الشامتون كما لقين
3 - المماطله وخُلف الوعد : ورويَ عن الأصمعي : عدة الكريم نقد وتعجيل ، وعدة اللئيم مُطلٌ وتسويف . وقيل في خلف الوعد : إنّ الوفاء على الكريم فريضة .. واللؤم مقرون بذي الإخلافِ وهو من صفات المنافق كما ورد ذلك في الحديث : ( إذا وعد أخلف .... )
4 - الحسد : قال
بن تيمية : إنّ الحسد مرض من أمراض النفوس وهو مرض غالب فلا يخلص منه إلا
القليل من الناس ولهذا يقال : ماخلا جسد من حسد ، لكن اللئيم يبديه والكريم
يُخفيه . وقال بن سيرين : الحسد من أخلاق اللئام وتركه من أفعال الكرام . وقال الشافعي : الحسد إنما يكون من لؤم العنصر .
5 - بذاءة اللسان والسب : جاء في السلسلة الصحيحة قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذئ ) وقال محمد الباقر : سلاح اللئام قبح الكلام .
6 - إنكار المعروف : قال أبو الطيب المتنبي في إحدى روائعه : إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكتهُ .. وإنْ أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمردا وقد صنف أبو موسى المديني كتاباً أسماه تضييع العمر في اصطناع المعروف إلى اللئام ) ! وقال بن القيم في عدة الصابرين : والكريم لا يقابل بالإساءة من أحسن إليه ، وإنما يفعل هذا لئام الناس . وجاء في حلية الأولياء عن سفيان : وجدنا أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام . ومن الأمثال السائرة : استوحش من جوع الكريم ، ومن شبع اللئيم قال الشاعر : متى تضع الكرامة في لئيمٍ .. فإنك قد أسأت إلى الكرامة
7 - التسلط على الضعيف : ومما قال ذو النون : التسلط على الضعيف لؤم ، والتوثب على القوي شؤم . وقيل لكسرى : ما اللؤم ؟ قال : الاستقصاء على الضعيف والتجاوز عن الشديد .
8 - عدم المسامحة وقبول العذر : جاء في الأمثال : أذل الناس معتذر الى لئيم ! وقال الشافعي : من استرضي فلم يرضَ فهو لئيم . وقال الوراق : اللئيم لا يوفّق للعفو من ضيق صدره .
9 - قلة المروءة و التطفل : قال عمر بن الخطاب : ما وجدت لئيماً قط إلا قليل المروءة . وذكر الجاحظ : من اللؤم التطفل ، وهو التعرض للطعام من غير أن يُدعى إليه .
10 - البخل والمنّ بالعطية : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإنما يستخرج بالنذر من البخيل ) رواه مسلم وفي رواية ابن ماجه ( من اللئيم ). وذكر بن قتيبة في أدب الكاتب : يُقال كل لئيم بخيل ، وليس كل بخيل لئيم ! وجاء في غابر الحكم : استقلل كثير ما تعطي واستكثر قليل ما تأخذ .
وقال الشاعر : أفسدتَّ بالمَنّ ما أسديتَ من حسنٍ .. ليس الكريم إذا أسدى بمنانِ
فمن كانت تتخلله بعض تلك الصفات فليحاول جهده تغييرها ، فإن الطبع مع بذل الأسباب يتغير وهذا أمر مشاهد ومختبر ، ومن هذه الأسباب : - الدعاء - عدم مخالطة أهل هذه الصفات - مجالسة أصحاب الأخلاق الفاضلة - مجاهدة النفس وإرغامها على الفضائل دون ملل فبالتدرج تصل لمنازل الفضائل ومعاليه